الإثنين الرابع بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  (يو 12/ 20-28)

 

20 كان بين الصّاعدين ليسجدوا في العيد، بعض اليونانيّين.

 

21 فدنا هؤلاء من فيلبّس الّذي من بيت صيدا الجليل، وسألوه قائلين: "يا سيّد، نريد أن نرى يسوع".

 

22 فجاء فيلبّس وقال لأندراوس، وجاء أندراوس وفيلبّس وقالا ليسوع.

 

23 فأجابهما يسوع قائلاً: "لقد حانت السّاعة لكي يمجّد ابن الإنسان.

 

24 الحقّ الحقّ أقول لكم: إنّ حبّة الحنطة، إن لم تقع في الأرض وتمت، تبقى واحدة. وإن ماتت تأتي بثمرٍ كثير.

 

25 من يحبّ نفسه يفقدها، ومن يبغضها في هذا العالم يحفظها لحياةٍ أبديّة.

 

26 من يخدمني فليتبعني. وحيث أكون أنا، فهناك يكون أيضًا خادمي. من يخدمني يكرّمه الآب.

 

27 نفسي الآن مضطربة، فماذا أقول؟ يا أبت، نجّني من هذه السّاعة؟ ولكن من أجل هذا بلغت إلى هذه الساعة!

 

28 يا أبت، مجّد اسمك". فجاء صوتٌ من السماء يقول: "قد مجّدت، وسأمجّد".

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

يونانيّون مشاركون في عيد الفصح اليهوديّ يسألون فيلبّس (من بيت صيدا الجليل): "يا سيّد، نريد أن نرى يسوع"؛ لقد أعطوا، بفضل مجيئهم ومشاركتهم، أن يريدوا رؤية يسوع! لدينا في مشاركة هؤلاء اليونانيّين في العيد، وفي رغبتهم في رؤية يسوع، دليلٌ على أنّ رسالة يسوع ليست محصورةً في الشعب اليهوديّ وحده، بل كانت قد بدأت تصل إلى العالم الوثنّي.

أطلع فيلبّس رفيقه أندراوس على رغبة اليونانيّين، وذهبا معًا، وأطلعا يسوع على هذه الرغبة؛ فأجابهم يسوع، مضمّنًا جوابه الأمور الثلاثة التالية.

 

 

بدأ يسوع جوابه بكلام على "سرّه الفصحيّ"، أي عن قرب آلامه وموته وقيامته: "لقد حانت الساعة لكي يمجّد ابن الإنسان"؛ مشبّهًا سرّه هذا بسرّ حبّة الحنطة التي لا تثمر إلاّ إذا ماتت؛

 وأبدى يسوع ما يعتبر صدى لصلاته في بستان الزيتون: قلقه لدى الموت، استغاثته بالآب، رضوخه لمشيئة الآب؛ ومتلقيًّا تشجيع الآب، بصوتٍ من السماء، سمعه الجمع الحاضر، يقول: "قد مجّدت، وسأمجّد".

 

وتابع يسوع كلامه بجعل سرّه الفصحيّ هذا نهجًا فصحيًا لكلّ مؤمن به: حفظ النفس، هنا، للحياة الأبديّة يتمّ، لا بحبّها، بل ببغضها؛ وخدمته تتمّ باتّباعه حيث هو، وتكافأ بتكريم الآب لخادمه.

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

الآية (20)

 

يتكلّم يوحنّا الإنجيليّ عن اليونانيّين، عن غرباء رغبوا في رؤية يسوع، مقابل قطيعة متزايدة بين يسوع وبين السلطات اليهوديّة؛ رسالة يسوع السائرة نحو الإتمام تعطي ثمارها: فمحبّة الله ليست لفئة، بل لجميع البشر؛ هؤلاء اليونانيّين، الذين هم من خائفي الله، أو من المهتدين الجدد، والذين جاءوا إلى أورشليم للمشاركة في العيد، أرادوا، هم أيضًا، أن يروا يسوع، أن يلتقوا به، وأن يسمعوه عن قريب؛ هكذا عبّر هؤلاء اليونانيّين عن اهتمامهم بالإنجيل (أكثر من اليهود)، وهكذا كان وضع الكنيسة خلال انطلاقها في العالم اليونانيّ والرومانيّ، وبخاصّة في القرن الأوّل، حين كان يوحنّا يدوّن إنجيله.

 

 

شرح عبارات وكلمات

 

لقد حانت الساعة (23)

 

بدأ مجد يسوع مع تلاميذه، خلال نشاطه على الأرض؛ وسيصل به هذا النشاط إلى الموت على الصليب، فإلى القيامة.

 

أنا حبّة الحنطة (24)

 

كما حبّة الحنطة تثمر بعد موتها، كذلك يسوع: بآلامه وموته وقيامته أتّم رسالته، وجمع المؤمنين في كنيسة واحدة؛ وبما أنّه مبدأ الحياة، كان عليه أن يمرّ في الموت، لكي يحمل الحياة إلى المائتين.

 

من يحبّ نفسه...، ومن يبغضها (25)

 

فعل "أبغض" يعاكس فعل "أحبّ": من يحبّ نفسه، ويركّز نجاحه في ذاته، يخسر كلّ شيء (متّى 16/ 24-25؛ مر 8/ 34-35؛ لو 9/ 23-24).

 

 

 

 

الأب توما مهنّا